عجيبة بسم الله الرحمن الرحيم

أخرج الدينوري في ( المجالسة ) وابن عساكر عن ابن عمر ,, قال : بينما عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في المسجد في جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ,, وهم يتذاكرون فضائل القرآن ,, إذ قال قائل منهم خاتمة براءة ,, وقال قائل منهم : خاتمة بني إسرائيل ,, وقال قائل منهم : كهيعص وطه ,, وأكثروا ,, وفي القوم عمرو بن معدي كرب الزبيدي ( فارس اليمن وصاحب الغارات , وفد على المدينة سنة 9 هــ , في عشرة من بني زبيد فأسلم وأسلموا وعادوا ,, وكان عصّي النفس أبيّها فيه قسوة الجاهلية ,, يكنى أبا ثور وأخبار شجاعته كثيرة له شعر جيد ,, توفي على مقربة الريّ ,, وقيل : قتل عطشا يوم القادسية ) ,, إذ قال : يا أمير المؤمنين : أين أنتم عن عجيبة بسم الله الرحمن الرحيم ,, فو الله إن في بسم الله الرحمن الرحيم لعجيبة من العجب ,, فاستوى عمر رضي الله تعالى عنه جالسا فقال : يا أبا ثور حدثنا بعجيبة بسم الله الرحمن الرحيم ,, فقال : يا أمير المؤمنين ,, إنه أصابنا في الجاهلية مجاعة شديدة ,, فاقتحمت بفرس البرية أطلب شيئا ,, فبينما أنا كذلك ,, إذ وقعت لي خيل وماشية وخيمة فأتيت الخيمة ,, فإذا بجارية كأحسن البشر ,, وإذا بفناء الخيمة شيخ متكىء ,, فقلت استأثر ثكلتك أمك ,, فقال : يا هذا إن أردت القرى فانزل ,, وإن أردت معونة أعناك ,, فقلت : استأثر ثكلتك أمك ,, فنهض نهوض شخص لا يقدر على القيام ,, فدنا مني وهو يقول : بسم الله الرحمن الرحيم ,, ثم جذبني إليه ,, فإذا أنا تحته وهو فوقي ,, فقال لي : أقتلك أو أخلي عنك ,, فقلت : بل خلّ عني ,, فنهض عني ,, فقلت في نفسي : يا عمرو أنت فارس العرب ,, الموت أهون من الهرب من هذا الشيخ الضعيف ,, فدعتني نفسي إلى معاودته ,, فقلت : استأثر ثكلتك أمك ,, فدنا مني وهو يقول : بسم الله الرحمن الرحيم ,, ثم جذبني جذبة جعلتني مثلت تحته ,, فاستوى على صدري ,, فقال : أقتلك أو أخلّ عنك ؟ فقلت : بل خلّ عني ,, فنهض عني ,, فقلت : استأثر ثكلتك أمك ,, فدنا مني وهو يقول : بسم الله الرحمن الرحيم ,, فملئت منه رعبا ,, ثم جذبني جذبة ,, فصرت تحته ,, فقلت : خلّ عني ,, فقال : هيهات ,, بعد ثلاث مرات .. ما أنا بفاعل .. ثم قال : يا جارية آتني بشفرة ( أي : سكين حاد ) ,, فأتته بها فجز ناصيتي ,, ثم نهض وكنا يا أمير المؤمنين إذا جزت نواحينا استحيينا أن نرجع إلى أهلينا حتى تنبت ,, فرضيت أن أخدمه حولا ,, فلما حال عليّ الحول ,, قال لي : يا عمرو إني أريد أن تنطلق معي إلى البرية ,, فانطلقت معه حتى وصلنا واديا ,, فهتف بأهله يقول : بسم الله الرحمن الرحيم ,, فلم يبق طائر في وكره إلا طار ,, ثم هتف الثانية : فلم يبق سبع في مربضه إلا نهض ,, ثم هتف الثالثة : فإذا هو بأسود كالنخلة السحوق ,, وإذا هو لابس شعرا ,, فرعبت منه ,, فقال ليّ الشيخ : لا تفزع ,, إذا نحن اصطرعنا ,, فقل : غلبه صاحبي ببسم الله الرحمن الرحيم ,, فاصطرعنا ,, فقلت : غلبه صاحبي باللات والعزى ,, فلطمني لطمة كاد يقلع رأسي ,, فقلت : لست بعائد .. فاصطرعنا ,, فقلت : غلبه صاحبي ببسم الله الرحمن الرحيم ,, فعلاه الشيخ فنفخه كما ينفخ الفرس , وشق بطنه واستخرج منها كهيئة القنديل الأسود وقال : يا عمرو هذا غشه وكفره .. قلت له : ما لك وهذا القزم ؟ قال : إن الجارية التي رأيت في الخباء هي الفارعة بنت المستورد ,, وكان رجلا من الجن ,, وكان مواخيا لي ,, وكان على دين المسيح عليه السلام ,, وهؤلاء قومها يغزوني كل سنة رجل منهم ,, فينصرني الله تعالى عليهم ببسم الله الرحمن الرحيم ,, فانطلقنا في البرية ,, فنام وتوسد إحدى يديه ,, فاستخرجت سيفه من تحته ,, فضربته ضربة قطعته من الساقين ,, فقال لي : يا غدار ما أغدرك ,, فلم أزل أضربه حتى قطعته إربا إربا ,, فأتيت الخيمة ,, فاستقبلتني الجارية ,, فقالت : يا عمرو ما فعل الشيخ ؟ فقلت : قتلته الجن ,, قالت : كذبت ,, بل أنت يا غدار ,, ثم دخلت الخيمة فجعلت تبكيه وهي تقول :



عين جودي لفارس مغوار واندبيه بواكفـــــــات غرار

لهف نفسي على بقائك يا عمرو أسلمته الحيــــاة للأقدار

بعد ما جز ما به كنت تسمو في زبيــد ومعشـر الكفار

ولعمري لو رميته أنت حقا دمت منــه بصـارم بتــار

فجزاك المليــك سـوء و هونا عشت مته بذلة وصغار



فدخلت الخيمة أريد قتلها ,, فلم أر أحدا كأن الأرض ابتلعتها ..