علاقة الإنس بالجن

ما هي علاقة الإنس بالجن ؟

هل يمكن الاتصال بالجن ؟ وكيف ؟

هل تصدق أخبار الجن ؟



هذه أسئلة كثيرة ربما تدور في أذهان وخواطر الكثيرين من الناس , ويشوبها شيء من الإيهام والغموض , ويختلط في بعض الأحيان الحق بالباطل , والصدق بالكذب .. وللإجابة على ذلك نقول :



نعم .. الاتصال بالجن أمر ممكن عقلا وشرعا وثابت بالكتاب والسنة والإجماع , لكنه اتصال ليس خاضعا للمقاييس والاعتبارات العادية عند البشر , لأنه اتصال من نوع آخر , فقد تأتي الشياطين في صورة إنسان وقد تتلبس جسم إنسان وتتكلم بصوته وذلك في حالة الصرع .. وقد يسمع صوتها ولا ترى , فالاتصال بالجن أمر ثابت بالقرآن الكريم كما ورد في قصة سليمان عليه السلام , وتسخير الجن له , وكما أخبر القرآن عن الشيطان لما أتى قريشا في صورة سراقة بن مالك لما أرادوا الخروج إلى بدر فلمّا نزلت الملائكة نكص على عقبيه ( وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس إنّي جار لكم ) الأنفال 48



أما في السنة فقد وردت أحاديث كثيرة تبيّن إمكانية ظهور الجن وتشكلهم في صور مختلفة , وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنّ بالمدينة جنا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان ) رواه مسلم



كما تواترت القصص في القديم والحديث عن مشاهدات الإنسان للجن متشكلين وعن سماعه أصواتهم وعن إيذاء الجن والشياطين للإنسان , وينبغي أن نعلم أن الأذى والضرر الذي يلحق الإنسان إنما هو من كافر الجن أو فاسقهم , أما مؤمنهم فشأنه شأن الإنسان الصالح لا يضمر الشرّ ولا يؤذي الذرّ .. كما يمكن الاتصال بالجن ومحادثتهم من خلال تلبّسهم للإنسان المصروع , وهو أمر معروف ومشاهد , وقد ذكر الشيخ محمد الحامد أنه قد وقف أهل الحق موقف التسليم للنصوص المخبرة بدخول الجن أجساد الإنس , وقد بلغت من الكثرة مبلغا لا يصحّ الانصراف عنه إلى إنكار المنكرين وهذيانهم , فإن الوحي الصادق قد أنبأنا هذا , ووقائع سلوك الجن في أجساد الإنس كثيرة مشاهدة , لا تكاد تحصى لكثرتها , فمنكر ذلك مصطدم بالواقع المشاهد , وإنه لينادي ببطلان قوله .. وقال ابن القيم : " إن دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة ..



أما عن سؤال : هل نصدق أخبار الجن ؟!



فلا بد أن نعلم بداية أنه لا يجوز قصد السحرة والعرافين والمنجمين , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) رواه مسلم .. ومن بديهيات العقيدة الإسلامية أن نؤمن بأن علم الغيب مما استأثر الله به نفسه , فلا أحد من الإنس أو الجن يطلع الغيب إلاّ بإعلام الله له , قال الله تعالى :

( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحد إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) الجن 27



وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ) والله تعالى يقول في محكم كتابه : ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) والجن عاجزون عن معرفة أمور ستحصل , وإن أخبروا بذلك فهم كذابون , ومن صدقهم فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم .. ومن مظاهر عجزهم عن معرفة الغيب أنهم لم يعلموا بموت سيدنا سليمان إلا بعد أن أكلت دابة الأرض منسأته أي : " إلا بعد أن أكلت الأرضة عصاه التي كان يتوكأ عليها " فسقط على الأرض فعلمت الجنّ كذب من كان يزعم منهم علم الغيب , قال الله تعالى : ( فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خرّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين )



وقد يقول قائل : إن بعض من يتصل بالجن قد أخبر بأمر سيحصل ثم وقع على نحو ما أخبر , فكيف نقول عنهم بأنهم كذابون ؟؟ والجواب : أنهم قد يخبرون عن مغيبات , على سبيل التوقع , وقد يصدق هذا التوقع , وإن كان في الغالب كذبا , وقد قيل : ( كذب المنجمون ولو صدقوا ) ..



أما إن كانت أخبار الجن متعلقة بأمور في عالم الشهادة , أو إخبار عن وقائع حصلت في الزمن الماضي , أو عن أمور حصلت في بقاع بعيدة من أجزاء العالم أو إخبار عن مفقود أو مسروق أو نحو ذلك فإن هذا الإخبار قد يكون صحيحا لإمكان الجن التنقل بسرعة , وإمكان إطلاعهم على شئون الناس وأحوالهم وأسرارهم , بما أوتوا من قوى وطاقات وخصائص لم يؤتها البشر العاديون ..