[size=18][/size
]وأما الدليل الثاني فهو قوله تعالى: [color=navy]"وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ*وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ*حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ" (الزخرف: 36-38)، وأظنه واضحًـا كل الوضوح هنا أن الحديث القرآني في وادٍ وشيوخنا في وادٍ آخر؛ فالقرآن الكريم يتحدث عن موضوع غواية الشيطان لمن يتغافل عن ذكر الله -عز وجل- وليس عن أعراض نفسية أو عصبية تحدث بسبب اقتران الشيطان بالإنسان! ومن شاء فليرجع إلى أيٍّ من تفاسير القرآن.
وأما الثالث فقوله -عز وجل-:
"وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ" (ص: 41)، وحسب تفسير ابن كثير فإن النُّصْب في البدن والعذاب في المال والولد، ولم يأتِ ذكر للأمراض النفسية هنا، وإن كان مشهوراً أن مرض سيدنا أيوب كان مرضا جلديًّا.. فهل كان المرض الجلديُّ أيضًـا من صنع الشيطان؟ بالطبع ليس هنالك من يقول بذلك، ثم إن النص القرآني في قصة سيدنا أيوب -عليه السلام- في موضع آخرَ كانَ "وأيوبَ إذ نادى ربه أني مَسَّـنِيَ الضُّـرُّ وأنتَ أرحم الراحمين" (الأنبياء: 83) فهنا كان المس من الضر وليس من الشيطان.
وأما الرابع فقوله تعالى:
"إن الذين اتقوا إذا مَسَّهُمْ طائفٌ من الشيطانِ تَذَكَّرُوا فإذا هم مبصرون" (الأعراف: 201) يقول ابن كثير في تفسير "إذا مسهم" أي أصابهم، منهم من فسره بالغضب، ومنهم من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه، ومنهم من فسره بالهمِّ بالذنب، ومنهم من فسره بإصابة الذنب، ثم في "تذكروا" أي تذكروا عقاب الله وجزيل ثوابه ووعده ووعيده فتابوا واستعاذوا بالله وَرَجَعُوا إليه من قريب، ثم في "فإذا هم مبصرون" أي قد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه. والواضح أن الأمر كله بعيد عن الأمراض النفسية وإن اشتبه الأمر في حالة الصرع، لكنه في جميع الأحوال واضح من جو الآية الكريمة ومن الآية التي تسبقها
[color:27c4=navy:27c4]"وإما ينزغنكَ من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه سميع عليم" (الأعراف: 200) واضح أن الأمر يتعلق بغواية الشيطان للمؤمن حتى يقع في الذنوب وما زاد على ذلك فهو تأويل لا يحتمله المعنى في حقيقة الأمر، وهذا تعليقي المتواضع.
وفيما يتعلق بأدلتهم من السنة النبوية المطهرة فسوف أكتفي بذكر الأحاديث الواردة في أحد الصحيحين أو كليهما التي تؤكد معنى تحفز الشيطان للتأثير في بني آدم؛ لأن الأحاديث الأخرى إنما تساق للتدليل على وجود الجن، وهذه قضية لا يختلف فيها المسلمون من الأطباء كلهم؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم" " رواه البخاريُّ ومسلم. وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيـده على فِيهِ فإن الشيطان يدخل" رواه مسلم والدرامي. وما أرى في هذين الحديثين أي إشارة إلى أن الفصام أو الاكتئاب أو الصرع أو أي من منظومة الأمراض النفسية والعصبية هي تأثيرات الشيطان.
للموضوع بقيه